تدبيس المعدة أحد الخيارات المطروحة من بين عمليات السمنة، وإن لم تكن الأفضل على الإطلاق؛ إذ تُستخدَم الدبابيس في فصل المعدة إلى جزئَين، بينهما فتحة صغيرة؛ للشبع سريعًا وخسارة الوزن، ومع ذلك فإنّ أضرار تدبيس المعدة تطال بعض المرضى ولا يفلتون منها، فما أهم هذه الأضرار؟ وكيف يسع المريض تجنّبها؟
متى يتم إجراء عملية تدبيس المعدة؟
تُجرَى عملية تدبيس المعدة لخسارة الوزن الزائد، خاصةً بعد فشل السبل الأخرى غير الجراحية، مثل: النظام الغذائي، والتمارين الرياضية في إفقاد المريض الوزن الزائد، ويتأكّد إجراء عملية تدبيس المعدة، حال توفّر أي من الشروط الآتية في المريض:
- تجاوز مؤشر كتلة الجسم 40، أو زيادة وزن الرجل عن وزنه المثالي ب50 كجم، أو زيادة وزن المرأة عن وزنها المثالي ب40 كجم.
- تجاوز مؤشر كتلة الجسم 35، تزامنًا مع الإصابة بأحد الأمراض المرتبطة بالسمنة، مثل: مرض السكري من النوع الثاني، أو انقطاع النفَس النومي، أو أمراض القلب.
تُساعِد عمليات السمنة في خفض مستويات السكر في الدم، خاصةً لمرضى السكري، إضافةً إلى:
- ضبط مستويات الكوليسترول في الدم.
- تقليل ضغط الدم المرتفع.
وتزداد النتائج المتوقعة إثر عملية تدبيس المعدة، حال التزام المريض بتوجيهات الطبيب بما يتضمّنه ذلك من نظام غذائي، وممارسة تمارين رياضية، كما أنّ ذلك يُخفِّف من أضرار تدبيس المعدة، أو أضرار عمليات السمنة عمومًا.
ما هو المتوقع بعد إجراء تدبيس المعدة؟
يفقد المريض أكبر قدرٍ ممكن من الوزن الزائد في أول 6 أشهر بعد إجراء العملية، ويفقد أغلب المرضى نحو 50% من الوزن في غضون 18 – 24 شهرًا من تدبيس المعدة، لكن ذلك لدى 20% من المرضى فقط.
أيضًا من المُتوقّع حدوث بعض التغيّرات في طريقة الأكل والنظام الغذائي للمريض على النحو التالي:
- تناول 4 – 6 وجبات صغيرة في اليوم، مع المضغ ببطء.
- قد يُؤدِّي الإفراط في الأكل، أو تناول الطعام بسرعة إلى القيء، وأحيانًا الشعور بألمٍ شديد، وبمرور الوقت يعتاد المريض على قدر الطعام المُناسِب له دون أن يتسبَّب في آثارٍ جانبية.
لا تُؤثِّر عملية تدبيس المعدة في عملية الامتصاص، وحصول الجسم على العناصر الغذائية المطلوبة، لكنّها تُقلِّل السعة الاستيعابية لجزء المعدة الذي يستقبل الطعام، ما يُساعد على الشبع سريعًا بعد الأكل، وخسارة قدرٍ معقول من الوزن، خاصةً إذا لم يُعانِي المريض من أضرار تدبيس المعدة.
تُعدّ نتائج عملية تدبيس المعدة أقلّ من غيرها من عمليات السمنة على صعيد خسارة الوزن؛ إذ نحو 29 – 39% من المرضى سيحتاجون إلى جراحة مراجعة في العشر سنوات التالية لتدبيس المعدة، أو تحويلها إلى نوع آخر من عمليات السمنة، ما يجعلها الخيار غير المُفضّل من بين عمليات السمنة.
آثار الجراحة على الجهاز الهضمي
بدايةً ينبغي معرفة آلية الهضم؛ إذ هو عملية يتكسَّر فيها الطعام إلى أجزاءٍ أصغر؛ كي تُستخدَم في بناء الجسم وتغذيته، ويبدأ الهضم من الفم، وينتهي في الأمعاء الدقيقة؛ إذ فيها تُمتصّ العناصر الغذائية.
تُخزِّن المعدة الطعام، ثُمّ تخلطه مع حمض المعدة؛ كي يُهضَم، وأخيرًا تُفرِغ محتوياتها إلى الأمعاء؛ لاستكمال عملية الهضم والامتصاص.
كيف يؤثر تدبيس المعدة على عملية الهضم؟
لا يُستأصل أي جزءٍ من المعدة أو الأمعاء خلال عملية تدبيس المعدة، ومِنْ ثَمّ لا يتأثَّر الهضم كثيرًا بهذه العملية، لكن قد يُعانِي بعض المرضى ارتجاع المريء بعد العملية، بصفته أحد أضرار تدبيس المعدة.
وفي حالة تكميم المعدة مثلًا، يُستأصَل 70 – 80% من المعدة، ما يجعل لهذه العملية بالغ الأثر في الهضم، وحال عدم انتباه المريض إلى تناول الطعام ببطء أو التزام تعليمات الطبيب بعد العملية، فقد يُعانِي متلازمة الإغراق.
وتزداد فرص المعاناة من متلازمة الإغراق مع الإفراط في شرب السوائل؛ إذ يمرّ الطعام سريعًا إلى الأمعاء، ما يُؤدِّي إلى الغثيان، الإسهال، الدوخة، والإرهاق، لكن يسهل تفادي ذلك باتباع تعليمات الطبيب، وشرب السوائل بين الوجبات لا مع الأكل.
هل تدبيس المعدة يؤثر على حركة الأمعاء؟
قبل معرفة أضرار تدبيس المعدة، فإنّ هذه العملية تُبقِي على نسيج المعدة بالكامل مع تكوين جيب علوي صغير فقط، يتصل بباقي المعدة بفتحة صغيرة، ومِنْ ثَمّ فلا يُتوقّع أن يكون لها أثر كبير على حركة الأمعاء.
أمّا عملية تكميم المعدة بالمنظار، فقد كانت محل نقاش في مدى تأثيرها على حركة الأمعاء؛ إذ وُجد أنّ الطعام يصل سريعًا إلى اللفائفي (آخر أجزاء الأمعاء الدقيقة)، لكن يتأخّر وصوله إلى الأعور (بداية القولون)؛ إذ زادت حركة المعدة والأمعاء بعد تكميم المعدة.
كيف أعرف أن عملية تدبيس المعدة ناجحة؟
تُعدّ خسارة الوزن هي أهم عاملٍ في معرفة ما إذا كانت عملية تدبيس المعدة ناجحة أم لا، إذ يفقد المريض نحو 50% من الوزن الزائد في غضون 18 – 24 شهرًا (20% من المرضى فقط)، وأيضًا هناك بعض المؤشرات الأخرى التي تساعد في التأكيد على نجاح العملية، مثل:
- تحسّن مستويات السكر في الدم، خاصةً لمن كانوا يُعانُون مرض السكري قبل عملية تدبيس المعدة.
- تحسّن مستويات الكوليسترول في الدم.
- غياب انقطاع النفَس النومي.
- تحسّن عمل القلب، وتراجع ضغط الدم المرتفع.
- قلة آلام المفاصل التي كان يُعانِيها المريض قبل العملية.
- عدم المعاناة من أضرار تدبيس المعدة، أو على الأقل خفّة الأعراض، وسهولة التعامل معها.
ما هي أضرار تدبيس المعدة؟
لا يخلو إجراء جراحي من أضرار تتراوح بين الخفّة والشدة، وتزداد فرص المعاناة من الأضرار مع عدم اختيار طبيب مناسب، أو تجاهل تعليمات الطبيب قبل العملية، وعلى كلٍ تشمل أهم أضرار تدبيس المعدة ما يلي:
- ارتجاع المريء: أورد نحو 20% من المرضى مشكلات طويلة الأمد في الجهاز الهضمي، وارتجاع المريء واحد منها، وإذا لم تنجح الطرق العلاجية المعروفة في التعامل معه، فذلك قد يعني وجود مشكلة في دبابيس المعدة.
- صعوبة هضم الألياف: قد يُواجِه المريض صعوبة في تناول الأطعمة الغنية بالألياف كالشوفان، والكينوا، وبعض الخضروات.
- فكّ الدبابيس: قد تُصبِح الدبابيس المُكوِّنة لجيب المعدة رخوة بعض الشيء، ما يُؤثِّر في نتائج العملية بشدة.
- تضيّق أو انسداد: قد تُصبِح الفتحة بين جزئَي المعدة ضيقة أو تنسد بالكُلّية.
- الفتق الجراحي: إجراء جراحة لدى مُصابِي السمنة الشديدة، قد يجعل الجرح يُفتَح مجددًا، ويبرز من خلاله جزء من أنسجة الجسم، ومن السهل خياطة الجرح من جديد.
- إعادة اكتساب الوزن: إثر فكّ الدبابيس، والذي قد يحدث لنحو 35% من المرضى، فقد يكتسب المريض وزنًا زائدًا من جديد، فهذا من أبرز أضرار تدبيس المعدة.
كيفية تجنب أضرار العملية المحتملة
يُمكِن تجنب أضرار تدبيس المعدة من خلال:
- اختيار جرّاح ماهر لإجراء العملية، خبير بجراحات السمنة، ونجح في إجرائها بمختلف أنواعها مرات كثيرة من قبل.
- التزام تعليمات الطبيب وتوجيهاته قبل العملية، بما في ذلك التوقف عن التدخين، والامتناع عن تناول بعض الأدوية.
- اتِّباع تعليمات الطبيب بشأن الحمية والنشاط البدني بعد العملية؛ للحفاظ على نتائج عملية تدبيس المعدة، ومنع اكتساب الوزن، أو إلحاق ضرر بالجهاز الهضمي.
- استشارة الطبيب فور ظهور أي أعراضٍ غير معتادة، وعدم التهاون في ذلك.
- اختيار نوع آخر من عمليات السمنة حال الخوف من إجراء تدبيس المعدة، خاصةً أنّ نتائج عمليات السمنة الأخرى أفضل كثيرًا منها على صعيد خسارة الوزن الزائد.
الخلاصة
نجحت عملية تدبيس المعدة في إفقاد 20% من المرضى ما يقرب من 50% من الوزن الزائد في فترةٍ تتراوح بين 18 – 24 شهرًا، لكن احتاج 30 – 40% من المرضى إلى جراحة مراجعة في العشر سنوات التالية للعملية، كما يُعدّ الفتق الجراحي وارتجاع المريء من أبرز أضرار تدبيس المعدة، وتتميّز هذه العملية بعدم إحداث ضررٍ كبير في هضم وامتصاص الطعام؛ إذ المعدة كما هي لم يُستأصَل منها شيء.