عملية القلب المفتوح من الإجراءات الجراحية المعقدة التي تتطلب دقة عالية ومهارة كبيرة، وعلى الرغم من التقدم الطبي الكبير في هذا المجال، فإنها لا تزال تحمل بعض المخاطر، ومنها النزيف بعد عملية القلب المفتوح والذي يمكن أن يكون مصدر قلق كبير بعد هذه العمليات، ويجب التعامل معه بحذر لتجنب أي مضاعفات خطيرة.
ولذلك يشرح هذا المقال النزيف بعد عملية القلب المفتوح بشئ من التفصيل، ويوضح ما هي الأسباب التي تؤدي إلى زيادة سيولة الدم في الجسم، كما يتم توضيح الكثير من النصائح اللازمة عند تناول أدوية سيولة الدم وكيفية الحصول على أعلى استفادة منها.
النزيف بعد عملية القلب المفتوح
النزيف بعد عملية القلب المفتوح هو أحد المضاعفات الشائعة التي تحتاج إلى إدارة دقيقة من قبل فريق الرعاية الصحية، وعليه بعد الانتهاء من الجراحة يتم وضع أنابيب تصريف في الصدر لإزالة الدم الذي يتجمع حول القلب والرئتين، وهذه الأنابيب تلعب دورًا حيويًا في تجنب تراكم الدم داخل الصدر، والذي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
وفي معظم الحالات يكون النزيف بعد عملية القلب المفتوح محدودًا، إذ يتراوح بين بضع مئات من السنتيمترات المكعبة، ثم يتوقف النزيف تدريجيًا، ولكن في بعض الحالات قد يتجاوز النزيف لترًا واحدًا، مما يستدعي جهودًا كبيرة لدعم المريض واستعادة عملية التخثر الطبيعية.
وهناك عوامل متعددة يمكن أن تساهم في زيادة النزيف بعد عملية القلب المفتوح وعلى سبيل المثال قد يعاني المرضى الذين خضعوا لجراحة عاجلة وكانوا في حالة صدمة من نزيف أكثر بسبب التوتر الجسدي، كما أنه قد يحدث نزيف غير متوقع بسبب مشاكل في التخثر دون سبب واضح، وفي بعض الحالات قد يكون النزيف نتيجة لمصدر جراحي يحتاج إلى إعادة الخياطة لتعزيزه.
وعندما يحدث النزيف فإن مكان تصريف الدم يمكن أن يكون له تأثير كبير على النتائج النهائية للمريض، إذ يتميز النزيف الخارجي عبر أنابيب التصريف بأنه يمكن مراقبته وإدارته بشكل أفضل من النزيف الداخلي، إذ يمكن أن يتراكم الدم حول القلب والرئتين ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل متلازمة احتباس الدم.
كما إن الحفاظ على تدفق الدم خارج الجسم عبر أنابيب التصريف يعد أمرًا حاسمًا، ولكن هذه الأنابيب معرضة للانسداد بسبب الجلطات، إذ يواجه فريق الرعاية الصحية تحديًا كبيرًا في منع هذا الانسداد، وغالبًا ما تقوم الممرضات بخلع أنابيب الصدر والنقر عليها لتفتيت الجلطات.
ومع ذلك تشير الدراسات إلى أن أنابيب التصريف قد تنسد في حوالي 36% من المرضى، مما يمنع الإخلاء الكافي للدم، وعندما يبقى الدم داخل الجسم بدلًا من تصريفه للخارج، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة، إذ تتجمع السوائل حول القلب والرئتين.
وهذا يمكن أن يعيق عمل القلب والجهاز التنفسي بشكل كبير، ويزيد من احتمالية عودة المريض إلى المستشفى، لهذا السبب يُعتبر تصريف الدم بشكل صحيح ومراقبة كمية النزيف من الأمور الأساسية في إدارة فترة ما بعد الجراحة، إذ يساعد ذلك في تجنب المضاعفات المرتبطة باحتباس الدم وتحسين نتائج العملية الجراحية.
أسباب ارتفاع سيولة الدم بعد عملية القلب
ارتفاع سيولة الدم يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل متعلقة بالإجراء الجراحي نفسه أو التغييرات في جسم المريض بعد العملية، وإليك أبرز الأسباب:-
-
استخدام أدوية مضادة للتخثر
بعد عملية القلب المفتوح يُستخدم عادة أدوية مضادة للتخثر مثل الهيبارين أو الوارفارين أو الأدوية الأحدث مثل الدابيغاتران وريفاكسابان لتقليل خطر تكون جلطات دموية، وهذه الأدوية تعمل على تقليل قدرة الدم على التجلط، مما قد يؤدي إلى زيادة سيولة الدم.
-
تأثيرات التروية
أثناء الجراحة يتم استخدام جهاز مجازة القلب والرئة الذي يمكن أن يؤثر على نظام تخثر الدم، والجهاز يحافظ على تدفق الدم وتزويد الأنسجة بالأكسجين أثناء توقف القلب، ويمكن أن يتسبب في تغييرات في مستويات عوامل التخثر في الدم.
-
الإصابة أو النزيف
وقد يحدث النزيف بعد عملية القلب المفتوح مما يؤدي إلى استخدام مضادات التخثر بشكل أكبر للتحكم في النزيف ومنع حدوث جلطات، وهذا الاستخدام المفرط لمضادات التخثر يمكن أن يساهم في ارتفاع سيولة الدم.
-
تغييرات في نظام تخثر الدم
قد يتأثر نظام تخثر الدم بطرق غير متوقعة، والعمليات الجراحية الكبرى يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في مستوى البروتينات والعوامل المسؤولة عن تخثر الدم، مما يرفع من خطر حدوث سيولة مفرطة.
-
التفاعلات الدوائية
قد تتداخل بعض الأدوية أو المكملات الغذائية التي يتناولها المريض بعد الجراحة مع أدوية السيولة، مما يرفع من فعاليتها ويزيد من خطر سيولة الدم، والنزيف بعد عملية القلب المفتوح.
-
التغيرات في العادات الغذائية
التغييرات في النظام الغذائي بعد الجراحة قد تؤثر على مستويات فيتامين ك، والذي يلعب دورًا حاسمًا في نظام تخثر الدم، كما أن نقص فيتامين ك يمكن أن يزيد من تأثير أدوية السيولة.
آلية عمل أدوية السيولة
آلية عمل أدوية السيولة، تعتمد على تعطيل العمليات التي تؤدي إلى تكوين جلطات الدم، وتعمل هذه الأدوية عن طريق استهداف عوامل التخثر المختلفة، مثل الثرومبين، الفيبرين، وفيتامين ك، وهي العناصر الأساسية في تكوين الجلطات.
ويعد الثرومبين عامل تخثر يتكون من البروثرومبين، وهو ضروري لتحويل الفيبرينوجين إلى فيبرين، والفيبرين هو المادة التي تشكل الهيكل الأساسي للجلطة الدموية، ويحدث ما يعرف بـانفجار الثرومبين عندما يتكون الثرومبين بكميات كبيرة كرد فعل طبيعي لإصابة ما، ويؤدي ذلك إلى تكوين جلطة لوقف النزيف.
وأدوية السيولة تستهدف عوامل التخثر من خلال عدة آليات مثل :-
-
الوارفارين
ويعد من أكثر مضادات التخثر شيوعًا، ويعمل الوارفارين عن طريق تثبيط نشاط فيتامين ك، والذي يعتبر ضروريًا لتكوين الثرومبين،و بدون فيتامين ك لا يمكن للجسم إنتاج الثرومبين بشكل فعال، مما يقلل من قدرة الدم على التجلط.
-
الهيبارين
يعمل بطريقة مباشرة على تعطيل العامل Xa، وهو أحد العوامل الرئيسية في سلسلة التفاعلات التي تؤدي إلى تكوين الثرومبين، ومن خلال منع تكوين الثرومبين، يساهم الهيبارين في تقليل تكوين الجلطات.
الأطعمة الممنوعة مع أدوية السيولة
عند تناول أدوية السيولة مثل الوارفارين أو غيرها من مضادات التخثر، من المهم جدًا مراقبة الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من فيتامين ك، لأنه يلعب دورًا حيويًا في عملية تخثر الدم.
كما أن فيتامين ك يعزز تكوين الثرومبين والفيبرين، وهما مادتان تساعدان في تكوين الجلطات، لذلك فإن تناول أطعمة غنية بفيتامين ك قد يعاكس تأثير أدوية السيولة، مما يزيد من خطر تجلط الدم.
وفيما يلي قائمة ببعض الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من فيتامين ك ويجب تجنبها أو تقليلها بشكل كبير عند تناول أدوية السيولة وهي ما يلي :-
- الكرنب: يحتوي على أربعة أضعاف كمية فيتامين ك التي يحتاجها الجسم يوميًا، لذلك يجب تجنبه عند استخدام أدوية السيولة.
- البروكلي: مصدر ممتاز لفيتامين سي، ولكنه يحتوي أيضًا على حوالي 64% من جرعة فيتامين ك اليومية، لذا يجب تناوله بحذر.
- براعم بروكسل: تحتوي على 137% من احتياجاتك اليومية من فيتامين ك، وهي نسبة مرتفعة جدًا لمن يتناولون أدوية الوارفارين.
- البنجر: تحتوي هذه الخضروات على 3 أضعاف كمية فيتامين ك اليومية، مما يجعلها غير مناسبة لمن يتناولون أدوية السيولة.
- السبانخ: تحتوي على أكثر من 400% من الكمية اليومية التي يحتاجها الجسم من فيتامين ك، وهي كمية كبيرة جدًا لمن يتناولون أدوية السيولة.
- اللفت الأخضر: يحتوي على 7 أضعاف كمية فيتامين ك التي يحتاجها الجسم يوميًا، وهو من الأطعمة التي يجب تجنبها للمرضى الأكثر تعرضًا للجلطات.
- سلطة الكرنب: تحتوي على أكثر من 100% من احتياجك اليومي من فيتامين ك، مما يجعلها غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من نقص سيولة الدم.
الآثار الجانبية لأدوية السيولة
أدوية السيولة أو مميعات الدم تُستخدم للحد من خطر تكون الجلطات، لكنها قد تأتي مع مجموعة من الآثار الجانبية، ويعد النزيف بعد عملية القلب المفتوح هو الأثر الجانبي الأكثر شيوعًا وخطورة لهذه الأدوية، إذ تعمل على إبطاء عملية التخثر، مما يزيد من احتمالية النزف سواء كان داخليًا أو خارجيًا.
وبالإضافة إلى النزيف قد تُسبب أدوية السيولة اضطرابات في المعدة، مثل الغثيان والإسهال، وهذه الأعراض قد تكون مزعجة ولكنها غالبًا ما تكون أقل خطورة من النزيف، ويمكن أن تختلف هذه الآثار الجانبية بناءًا على نوع الدواء الذي يتم تناوله، وعلى سبيل المثال بعض مميعات الدم قد تزيد من حساسية المعدة أو تؤدي إلى حرقة.
ومن الضروري الانتباه إلى علامات النزيف الخطير عند استخدام هذه الأدوية، وتشمل هذه العلامات نزيف الحيض الذي يكون أثقل بكثير من المعتاد، أو تغير لون البول إلى الأحمر أو البني، وهو مؤشر على وجود دم.
كما يجب الحذر من حركات الأمعاء التي تكون حمراء أو سوداء، إذ يمكن أن تشير إلى نزيف داخلي في الجهاز الهضمي، ونزيف اللثة أو الأنف الذي لا يتوقف بسرعة يعد أيضًا من الأعراض التي يجب عدم تجاهلها.
وفي الحالات الأكثر خطورة قد يظهر الدم في القيء، سواءًا كان بني اللون أو أحمر فاتح، أو قد يظهر عند السعال، وهذه الأعراض تشير إلى نزيف داخلي في الجهاز الهضمي أو الجهاز التنفسي، وتتطلب عناية طبية فورية.
كما أن الألم الشديد مثل الصداع المستمر أو آلام المعدة، يمكن أن يكون مؤشرًا على نزيف داخلي، كما أن الكدمات غير العادية التي تظهر دون سبب واضح، أو الجروح التي لا يتوقف نزيفها، تستدعي الاتصال بالطبيب فورًا.
ويمكن أيضًا أن تسبب أدوية السيولة الدوخة أو الضعف، وهي أعراض قد تشير إلى نقص في ضغط الدم بسبب النزيف، ومن المهم مراقبة هذه الأعراض عن كثب والتواصل مع الطبيب في حال حدوثها.
نصائح هامة عند تناول أدوية السيولة
هناك بعض النصائح اللازمة عند تناول أدوية سيولة الدم يجب على الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية اتباعها، ومن أهم هذه النصائح ما يلي:-
-
التزام الجرعات
يعد الالتزام بالجرعات أمرًا حيويًا عند تناول أدوية السيولة، ويجب تناول الأدوية وفقًا لتوجيهات الطبيب بدقة، إذ يجب تجنب تخطي أي جرعة أو مضاعفة الجرعة لتعويضها، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة.
-
استشارة الطبيب قبل دمج الأدوية
من الضروري استشارة طبيبك قبل تناول أي أدوية جديدة أو مكملات غذائية، بما في ذلك الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، وبعض الأدوية مثل المضادات الحيوية والأدوية المضادة للفطريات، وقد تزيد من فعالية أدوية السيولة مما يزيد من خطر النزيف، وتحدث إلى طبيبك دائمًا قبل دمج أي أدوية جديدة في نظامك لضمان عدم حدوث تفاعلات سلبية.
-
مراقبة علامات النزيف
راقب علامات النزيف الداخلي مثل التعب، وضيق التنفس، وشحوب لون الجلد، والبراز أسود اللون، وإذا لاحظت أي نزيف غير طبيعي مثل النزيف من اللثة أو الأنف، أو البول الأحمر أو البني، أو القيء الأحمر، أو كدمات غير عادية، واتصل بطبيبك فورًا إذ يمكن أن يكون النزيف الداخلي سريعًا وخطيرًا، مما يستدعي التدخل الطبي الفوري.
-
تجنب تناول الكحول
تجنب تناول الكحول أثناء استخدام أدوية السيولة، لأن الكحول يمكن أن يتداخل مع قدرة الكبد على معالجة الأدوية، مما قد يؤدي إلى زيادة مستويات الدواء في الدم وزيادة خطر النزيف، ويجب الحفاظ على تناول الكحول ضمن حدود آمنة أو تجنبه تمامًا حسب نصيحة طبيبك.
-
مراقبة الآثار الجانبية
كن واعيًا للآثار الجانبية المحتملة مثل الغثيان، وانخفاض عدد خلايا الدم، والتعب، وانخفاض عدد خلايا الدم يمكن أن يؤدي إلى الدوار وضيق التنفس، وإذا لاحظت أي أعراض غير عادية، واتصل بطبيبك للحصول على تقييم مناسب.
للحصول على أعلى استفادة من أدوية سيولة الدم
للحصول على أعلى استفادة من أدوية سيولة الدم وضمان فعاليتها وسلامتها يجب اتباع الخطوات التالية:-
-
تناول الدواء بانتظام
يجب تناول أدوية سيولة الدم تمامًا كما وصفها الطبيب، ولا تتخطى الجرعات ولا تضاعف الجرعة إذا نسيت واحدة، بل اتصل بطبيبك للحصول على إرشادات حول كيفية التعامل مع الجرعات الفائتة.
-
مراقبة تأثيرات الدواء
راقب أي أعراض غير عادية مثل النزيف أو الكدمات غير المبررة وأبلغ طبيبك فورًا، وقد يتطلب الأمر تعديلًا في الجرعة أو تغييرات في خطة العلاج بناءًا على كيفية استجابة جسمك للدواء.
-
إجراء الفحوصات الدورية
قم بإجراء الفحوصات والاختبارات الدورية كما يوصي طبيبك، وهذه الفحوصات مهمة للتأكد من أن مستويات الدواء في دمك ضمن النطاق الآمن ولتقييم تأثير العلاج على حالتك الصحية.
-
تجنب إصابات غير ضرورية
تجنب الأنشطة التي قد تعرضك للإصابات أو النزيف، وفي حالة حدوث إصابة، اتصل بطبيبك للحصول على المشورة حول كيفية التعامل معها بشكل آمن.
مَن أفضل دكتور لإجراء عمليات القلب؟
يعتمد تقييم أفضل دكتور لإجراء عمليات القلب عدة عوامل مختلفة لضمان سلامة الاختيار وتكون هذه العوامل مثل:-
-
التوصيات من الأطباء المتخصصين
من أفضل الطرق لاختيار جراح قلب مفتوح متميز هي الاستفسار من طبيب القلب أو الطبيب العام، وهؤلاء الأطباء يعرفون الجراحين المتميزين، ويمتلكون معلومات حول خبراته ومعدلات نجاحهم، وسمعة فرقهم، وبفضل علاقتهم الوثيقة مع الجراحين، يمكن أن يقدموا توصيات موثوقة وذات قيمة للمريض.
-
الخبرة والتخصص
من المهم أن يتحقق المريض من مدى خبرة الجراح في التعامل مع الحالة المحددة التي يعاني منها، ويجب معرفة عدد العمليات التي قام بها الجراح بنجاح لنفس الحالة، إذ يشير مستوى الخبرة إلى كفاءة الجراح في إدارة التعقيدات المحتملة وضمان نتائج أفضل.
-
نسبة النجاح والنتائج
يجب على المريض الاستفسار عن نسبة نجاح الجراح في إجراء العمليات، وهذه النسبة تعكس قدرة الجراح على تحقيق نتائج إيجابية وتجنب المضاعفات، ويمكن أن يتفاوت معدل النجاح بين الجراحين، لذا من الضروري الحصول على تفاصيل دقيقة حول ذلك.
-
التأكد من المعلومات عبر الإنترنت
يجب على المرضى توخي الحذر من المعلومات الموجودة على الإنترنت، إذ يمكن أن تكون قديمة أو غير دقيقة، ومن الضروري التحقق من المعلومات التي يجدونها عبر الإنترنت مع الأطباء المتخصصين للحصول على صورة دقيقة وموثوقة.