يُصنّف التهاب الكبد المناعي ضِمن اضطرابات الجهاز المناعيّ نادرة الحدوث، إذ لا يتجاوز عدد المصابين به 1% حول العالم، وقد تناول الأطباء اسباب التهاب الكبد المناعي بالبحث والدراسة طوال العقود الماضية.
وما زالت الدراسات تُثمِر بالجديد حينًا بعد حين، وتجِدون في هذا المقال تفصيلًا وافيًا حول أسباب التهاب الكبد المناعي، والعوامل التي تُساعد على انتشاره؛ مما يُعينك على تجنّب الإصابة به.
ما هو التهاب الكبد المناعي؟
التهاب الكبد المناعي مرضٌ مزمِنٌ، ينشأ عن مهاجمة الجهاز المناعيّ خلايا الكبد، عن طريق الخطأ، مُسبِّبًا عِدّة أضرار بالكبِد تشمل التهاب الكبد وتلف خلاياه، وإذا لم يُدرَك التهاب الكبد المناعي بالعلاج؛ فمن المتوقّع أن يُصاب المريض بتليّف الكبد، وقصوره عن أداء وظائفه.
ما هي اسباب التهاب الكبد المناعي؟
إنّ اسباب التهاب الكبد المناعي ليست مؤكّدةً حتى الآن، ولكنْ توصّلت مجموعةٌ من الدراسات الحديثة إلى أسبابٍ محتملة لالتهاب الكبد المناعي، وهي على النحو الآتي:
- العوامل الوراثية
توصّل بعض الباحثين إلى أنّ عوامل وراثيّة متعدِّدة قد تكون وراء الإصابة بالتهاب الكبد المناعي، بما في ذلك العوامل الوراثية الخاصّة بمُستَضِدَّات الكُرَيَّات البيضِ البشرِيَّة (HLA)، التي يُعتقد أنّ لها تأثيرًا في تفاقم المرَض، والحدّ من استجابته للعلاج.
كما يُعتقد أيضًا أنّ تلك الاختلالات في العوامل الوراثية قد تعيق الجهاز المناعي عن تمييز خلايا الجسم من غيرها من الخلايا، أو الجزيئات الغريبة، مِمّا يُحفِّز الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضادة لخلايا الجسم الطبيعية. - العوامل البيئية
قد يكون التعرّض المتكرر للمواد السامّة سببًا من اسباب التهاب الكبد المناعي، وهو الأمر ذاته مع بعض أنواع العدوى؛ إذ قد ينشط الجهاز المناعي بصورةٍ خاطئة، تدفعه لمهاجمة خلايا الجسم، مثل: خلايا الكبد.
كما ارتبطتْ العديد من المواد الكيميائيّة السامّة بالتهاب الكبد المناعي، وقد أفادت دراسةٌ طبيّةٌ نُشِرت عام 2020 أنّ التعرّض المتكرر لمادة ثنائي ميثيل فورماميد تزيد فرص الإصابة بالتهاب الكبد المناعي. - الجنس
تُشكِّل النساء النسبة الغالبة بين مرضى التهاب الكبد المناعي، إذ تُقدَّر نسبة الإصابة بين النساء والرجال بنحو4:1، مما يدلّ على ارتباط التهاب الكبد المناعي بطبيعة خاصّة لدى النساء، ويظلّ سر ذلك محلّ بحثٍ ودراسة.
نشرَ موقع “Johns Hpokins Medicine” الشهير دراسةً عام 2013، تشير إلى أنّ التغيُّرات الهرمونية التي تَعترِي المرأة في مختلف مراحل العُمر، قد تُعزِّز فرص الإصابة بالتهاب الكبد المناعي، إذ شُخِّصتْ غالب الحالات أثناء أو بعد الحمل، أو عقِب تجاوز سن اليأس. - الأدوية
قد ينجُم التهاب الكبد المناعي عن تناول بعض الأدوية، إذ كشفتْ بعض الدراسات عن علاقةٍ وثيقةٍ بين الأدوية الآتية، والإصابة بالتهاب الكبد المناعي:- نتروفورانتوين.
- مينوسيكلين.
- هالوثان.
وربما تشمل اسباب التهاب الكبد المناعي تناول الأدوية أيضًا، ولكن بدرجة أقل من السابق ذِكرها. - ايزونيازيد.
- ديكلوفيناك.
- إنفليكسيماب.
- بروبيل ثيوراسيل.
- الفيروسات
يُحتمل أن يكون التهاب الكبد الوبائي أو الفيروسي، أحد اسباب التهاب الكبد المناعي، فبعض مرضى التهاب الكبد الوبائي A، أصيبوا لاحقًا بالتهاب الكبد المناعي؛ نتيجة خلل في جهاز المناعة بسبب العدوى الفيروسية، وهو الأمر ذاته مع فيروس إيبِشتاين- بار (EBV). - أمراض المناعة الذاتية
يرتبط التهاب الكبد المناعي في نشأته ببعض أمراض المناعة الذاتية، مثل: متلازمة اعتلال الغدد الصماء – داء المبيضات – الضمور الأديمي الظاهر (APECED)، والتهاب الغدة الدرقية، والتهاب القولون التقرُّحي. - التوتر
يُصنّف التوتُّر ضمن عوامل خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، لذا يُعتقد أنّ التوتر المزمن، أو الضغط النفسي سببٌ من اسباب التهاب الكبد المناعي؛ نظرًا لما يُسببه من اختلالاتٍ في نشاط الجهاز المناعي، واقترانه بزيادة معدّل الالتهابات في الجسم. - التدخين
يتّسِم التدخين بآثارٍ سيّئةٍ للغاية في أجهزة الجسم كافّة، شاملًا ذلك الجهاز المناعي، إذ يختَلّ التوازن المناعي بفعل التدخين على المدى الطويل، بما يُهيّئ الجسم للإصابة بأمراض المناعة الذاتيّة بدرجة أكبر، متضمِّنًا ذلك التهاب الكبد المناعي. - الحمل
إنْ كان التهاب الكبد المناعي شائعًا بين النساء، فما أكثر إصابتهنّ به أثناء الحمل! فهناك اقترانٌ بين زيادة مستوى الاستروجين في الجسم، خلال أشهر الحمل، وبين زيادة احتمالات الإصابة بالتهاب الكبد المناعي، وذلك تداخلًا مع بعض العوامل الأُخرى، مثل: انترلوكين-6. - لقاح كوفيد-19
لاحظَ الباحثون مؤخّرًا زيادةً ملحوظة في نِسب الإصابة بالتهاب الكبد المناعي، بعد جائحة كوفيد-19 التي جابت أرجاء العالم، وتوصّلت عِدّة أبحاث بين عامي 2021-2022 اقتران ذلك بلقاحات كوفيد-19.
ولكن لم تُسفِر أيٌّ من الدراسات عن آليّةٍ واضحةٍ تجعل لقاح كوفيد-19 سببًا مؤكّدًا من اسباب التهاب الكبد المناعي.
ما هي أنواع التهاب الكبد المناعي؟
يُقسِّم الخبراء التهاب الكبد المناعي إلى قسمَين، تبعًا لنوع الجسم المضاد الذي يُهاجِم جهازُ المناعة خلايا الكبد بواسطته، وهُما:
- التهاب الكبد المناعي من النوع الأول: هو النوع الأكثر شيوعًا، إذ يُمثِّل ما يقارب 80% من الحالات، وقد تصاحبه بعض الاضطرابات المناعية الأُخرى، مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب الغدة الدرقية، والسكري من النوع الأول.
- التهاب الكبد المناعي من النوع الثاني: يختصّ النوع الثاني من التهاب المناعي بالأطفال والمراهقين، وغالبًا ما يكون أكثر حِدّة من النوع الأول، إلا أنّه لا يمثل أكثر من 20% من الحالات.
ما هي العوامل التي تساعد على انتشار المرض؟
يتأثّر داء التهاب الكبد المناعي بعواملٍ مُتعدِّدة، كسائر أمراض المناعة الذاتية، ومِما يُحفِّز نشأة وانتشار التهاب الكبد المناعي:
- التدخين.
- العدوى.
- السمنة.
- التاريخ العائلي.
- العوامل الوراثية.
- التعرّض للسموم.
- الإصابة باضطراب مناعي آخر.
- تناول أدوية خاصّة، تؤثِّر على جهاز المناعة.
ما الذي يجب فعله عند ظهور علامات التهاب الكبد المناعي؟
إذا ظهرت لديك علامات التهاب الكبد المناعي، مثل: ألم الجزء العلوي من البطن، واليَرَقان، وتغيّر لون البول والبراز، وضعف الشهيّة، فينبغي أن تُبادِر باستشارة الطبيب المختص في أمراض الكبد والجهاز الهضمي.
إذ تتشابه أعراض التهاب الكبد المناعي مع عددٍ من أمراض الكبد الأُخرى، ولذا يجدُر بك إجراء التحاليل والفحوصات التي يطلبها الطبيب؛ للتحقّق من سبب تضّرر الكبد، وبدء الإجراءات العلاجيّة في أقرب وقتٍ ممكن، حال ثبتتْ الإصابة بالتهاب الكبد المناعي.
إذ يُناقش معك الطبيب اسباب التهاب الكبد المناعي المحتملة، وبناءً عليها يُمكن تحديد آلية العلاج، وكُلّما شرعتَ في تلقّي العلاج باكرًا؛ كُلّما كانت فُرَص التعافي من التهاب الكبد المناعي أكثر، وتجنّبتَ مضاعفات التهاب الكبد الخطِرة، التي قد تصِل إلى تليّف الكبد في بعض الأحيان.
كيف يمكن تجنب الإصابة بالتهاب المرض المناعي؟
ما زال بالإمكان أنْ تَقِي نفسَك التهابَ الكبد المناعي، وذلك بمعرفة اسباب التهاب الكبد المناعي، واتباع الإرشادات الطبيّة الآتية:
- الإقلاع عن التدخين.
- التخلّص من الوزن الزائد.
- ممارسة التمارين الرياضية.
- عدم التهاون في علاج الأمراض المناعية الأُخرى، مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي.
- تجنّب التوتر والقلق.الاهتمام بعلاج العدوى، واستشارة الطبيب إن لم يُجدِي العلاج معها نفعًا.
- الحفاظ على نظام غذائي صحيّ مُتّزِن، مع تجنّب الأطعمة والمشروبات الضارّة قدر الإمكان.
- إدراج زيت السمك في النظام الغذائي، وتناول الأطعمة الغنية بفيتامين D، وفيتامين C، والبروبيوتيك أيضًا.
المصادر