يحظَى جهازُ المناعة بأهميّةٍ بالغةٍ في حماية الجسم من العدوى، بتناسُقٍ بديعٍ بين الخلايا المناعيّة متنوّعة الوظيفة، ولكنّ خللًا ما بالجهاز المناعي؛ قد يكون كافيًا للإصابة بالتهاب الكبد المناعي، الذي يتّسِم بمهاجمة جهاز المناعة لخلايا الكبِد، مُصنِّفًا إيّاها كخلايا غريبة عن الجسم، ولمّا كان التهاب الكبد خطِرًا على وظائف الكبِد، كان لِزامًا على المريض أنْ يُدرِك كيفيّة علاجه، وأهم العوامل المؤثِّرة في نجاح العلاج، إذ إنّ إدراك تِلك الأمور يساعده في تعزيز نسبة الشفاء من التهاب الكبد ، وهو ما نتناوله تفصيلًا في المقال الآتي من موقع عيادة الخليج.
ما هي طرق علاج التهاب الكبد المناعي؟
يهدف العلاج إلى تقليل الالتهاب، مما يُعيد للكبِد كفاءته الطبيعية، ويخفف الأعراض التي يشعر بها المريض، ويتواصل العلاج تحت إشراف الطبيب إلى أن تزول الأعراض تمامًا، وتتحسّن نتائج التحاليل.
ويُعالَج التهاب الكبد المناعيّ بالأدوية التي تُقلِّل النشاط المناعي تجاه خلايا الكبد، وتُخفِّف التهاب الكبد، وقد يشمل العلاج تناول أكثر من دواءٍ في آنٍ واحد، أو يُكتفَى بدواءٍ واحدٍ في حالاتٍ أُخرى، وإليك طرق العلاج
- الكورتيكوستيرويدات
تُستَخدم الكورتيكوستيرويدات لتخفيف الالتهاب، وتقليل حِدّة أعراض التهاب الكبد المناعي التي يشكو منها المريض، ويُستَخدم دواء بريدنيزون (Prednisone) كخيار علاجي أوّل لالتهاب الكبد المناعي، كما أوصَتْ الرابطة الأمريكية لدراسة أمراض الكبد (AASLD).
إذ يُبقِي دواء بريدنيزون جهاز المناعة هادئًا تجاه خلايا الكبد، ويُقلِّل من نشاطه المفرط، ويُمكن الاعتماد عليه وحدَه في العلاج، أو إدراجه ضمن خُطّة علاجيّة، تشمل مثبطات المناعة أيضًا.
كما قد يستمرّ تناول دواء بريدنيزون، بجرعاتٍ تختلف من وقتٍ لآخر، على مدار 3 سنوات، وينبغي إيقاف تناول الدواء تدريجيًّا حينئذٍ، وتقييم مدى نجاح العلاج، بناءً على نتائج فحوصات الكبد.
إنْ تعذّر تناول دواء بريدنيزون لعلاج التهاب الكبد المناعي؛ يُمكن أن نستعيض عنه بدواء بوديزونيد (Budesonide)، الذي يُصحَب بأعراضٍ جانبيّةٍ أقل، كما قد يُستخدم مُفرَدًا، أو مع دواءٍ آخر مُثبِّط للمناعة.
- مثبطات المناعة
تُستخدم مُثَبِّطات المناعة على نطاقٍ واسعٍ؛ لعلاج أمراض المناعة الذاتيّة، وتثبيط جهاز المناعة في حالة زراعة الأعضاء، ويُعد دواء أزاثيوبرين (Azathioprine) أحد مُثبِّطات المناعة التي يُمكن استخدامها للحدِّ من النشاط المناعي تجاه الكبِد.
فعادةً ما يُستخدم دواء أزاثيوبرين رفقة دواء بريدنيزون، أو بوديزونيد؛ لتحقيق أمثل النتائج في العلاج، ولكن قد يُمنع استخدام مثبطات المناعة في بعض الحالات، مثل:- الحمل
- الذُّهان
- ارتفاع ضغط الدم المتفاقِم.
- النقص الحاد في عدد كريّات الدم
إذا كان هناك مانع طبي خاص بدواء أزاثيوبرين، فيُمكن استبدال أحد الآتية به:
- ميكوفينولات موفيتيل.
- سيكلوسبورين.
- تاكروليموس.
- زراعة الكبد
بعض حالات التهاب الكبد المناعي الحاد، لا يُجدِي معها العلاج الدوائي نفعًا، ويظل المرض في تفاقمٍ مستمر، وتنحدِر نسبة الشفاء من التهاب الكبد المناعي كثيرٍا، وفي تِلك الحالات يلجأ الطبيب إلى العلاج بعملية زراعة الكبد.
كيفية علاج التهاب الكبد المناعي
تختلف طريقة العلاج تبعًا لعِدّة عوامل، تتفاوت بين مريضٍ وآخر، ومن أهم العوامل المؤثِّرة في ذلك:
- نتائج فحوصات الكبد، ومدى فرط النشاط المناعي تجاه الكبد.
- طبيعة التهاب الكبد المناعي، وما إذا كان حادًّا أو مُزمِنًا.
- عدم إطاقة المريض للآثار الجانبية لبعض الأدوية.
- مدى استجابة المريض للعلاج الدوائي.
- الحالة الصحيّة العامة للمريض.
- المضاعفات الناتجة.
- الحمل.
- السن.
فيما يخص فحوصات التهاب الكبد المناعي، فإنّ العلاج ينبغي أن يبدأ في أقرب وقتٍ ممُكِن، عند ظهور النتائج الآتية أو بعضها:
- ارتفاع مستوى إنزيمات الكبد (ALT – AST)، خمسة أضعاف الحد الأقصى للمعدّل الطبيعي.
- ارتفاع مستوى جلوبيولينات جاما ضِعفَي الحد الأقصى للمعدّل الطبيعي.
- نَخَر مُتجسِّر أو نخر مُتعدد الفُصَيصات في خزعة (عيّنة) الكبد.
ما هي نسبة الشفاء من التهاب الكبد المناعي؟
تختلف نسبة الشفاء تبعًا لمدى تفاقم المرَض، واستجابة المريض للعلاج الدوائي، وتأثُّره بأمراضٍ أُخرى لديه، وكذلك نوعيّة وجرعات الأدوية التي يتناولها.
وفي المجمل، يحظى التهاب الكبد المناعي بنسبة شفاء مرتفعة، مع التزام الخطّة العلاجية التي يُحدِّدها الطبيب، فأكثر من 70% من المرضى تتحسّن أعراض التهاب الكبد المناعي لديهم دون حاجةٍ لزراعة الكبد على مدار 20 سنةٍ لاحقة.
ما هي مدة علاج التهاب الكبد المناعي الذاتي؟
أرشدت الرابطة الأمريكية لدراسة أمراض الكبد (AASLD) الأطباء حول العالم، إلى ضرورة استمرار علاج التهاب الكبد المناعي المزمن لثلاثِ سنوات، اعتمادًا على الكورتيكوستيرويدات ومثبطات المناعة.
إذا أبدَت فحوصات الكبد نتائجًا سلبيّةً بعد استدامة العلاج لثلاثِ سنوات، فقد تزداد مُدّة علاج التهاب الكبد عندئذٍ، وربما يستبدل الطبيب بعض الأدوية، أو يُغيُّر تركيز الجرعات، ومِن ثَم يواصل متابعة النتائج؛ للتحقّق من فاعليّة العلاج.
ما هي علامات الشفاء من التهاب الكبد المناعي؟
تتمثّل علامات الشفاء في تحسّن الأعراض التي كان المريض يشكو منها قبل الشروع في العلاج؛ فلا مزيدَ من الإجهاد الدائم، ولا اصفرار البشرة والعينين، ويعود لون البول والبراز إلى ما كانا عليه، وفي المجمل تتحسّن الحالة الصحيّة العامة للمريض.
الأمر الأكثر أهميّةً في الاستدلال على الشفاء هو نتائج الفحوصات التشخيصيّة، التي تكشف عن عودة مستويات إنزيمات الكبد إلى مُعدّلِها الطبيعي، وانخفاض مستوى جلوبينات جاما في الدم، عمّا كانت عليه قبل بدء العلاج.
ويجدُر بك أن تَبقَى مُتابِعًا حالتك لدى الطبيب، حتى بعد ظهور علامات الشفاء من التهاب الكبد المناعي، مع التزام النصائح الطبية المتعلِّقة بالنمط الغذائي كافّة؛ للحفاظ على صحّة الكبد، وحتى تأمَن الانتكاس المفاجئ لالتهاب الكبد المناعي.
هل يعود التهاب الكبد المناعي بعد علاجه؟
بالفعل، قد يعود التهاب الكبد المناعي بعد علاجه، وينشط جهاز المناعة ضد خلايا الكبد مرّةً أُخرى، ولِذلك أسبابٌ عِدّة، على رأسها؛ التوقّف عن تناول الدواء، بمجرّد اختفاء الأعراض، قبل مراجعة الطبيب في ذلك.
إذ أفادت دراسةٌ حديثةٌ أنّ 50% من حالات الانتكاس، وعودة الأعراض ثانيةً؛ تنجُم عن إيقاف المرضى أدوية علاج التهاب الكبد المناعي، قبل الموعد المُحدّد لها، ولذا نرجو – عزيزي القارئ – التزام تناول الدواء على مدار المُدّة التي يُحدِّدها الطبيب؛ لتعزيز فُرَص التعافي.
ولكن إنْ عادَتْ أعراض التهاب الكبد المناعي بعد علاجه، فينبغي أن تُخبر الطبيب بذلك على الفور؛ لمراجعة الخيارات العلاجيّة المُتاحة، وبدء العلاج ثانيةً قبل تفاقم وضع الكبد.
نودّ ختامًا أن نُنَوِّه على ضرورة الكشف المبكِّر عن التهاب الكبد المناعي، إذ يؤثِّر ذلك بشِدّة في نجاح خطة العلاج، كما نؤكِّد على أهميّة التزام الجرعات العلاجيّة التي ينصح بها الطبيب، دون تغيير شيءٍ منها قبل مراجعة الطبيب.
المصادر
