يُعدّ المغص الكلوي سِمَةً مميِّزةً لبعض المشكلات الصحيّة التي قد تعتري الجهاز البولي، إذ يرجِع ذلك النوع من الألم – في أغلب أحواله – إلى انسدادٍ في مجرى البول، يؤثِّر في وظائف الكُلى سلبًا، ولِهذا الانسداد أسبابٌ عديدة على رأسِها حصوات الكلى التي تُصيب نحو 15% من البشر.
ولكنّ أسباب المغص الكلوي تتعدّى حصوات الكلى؛ فتارةً ينشأ المغص عن بعض أنواع العدوى البكتيرية للجهاز البولي، وتارةً عن أورامٍ تُسبب انسدادًا أو ضيقًا في مجرى البول، ويركز هذا المقال من موقع عيادة الخليج على أهمّ أسباب وسُبُل الوقاية من ألم المغص الكلوي.
ما هو المغص الكلوي؟
المغص الكلوي ألمٌ حادٌّ في الخاصِرة، أو أسفل الظهر، وقد يكون على جانبٍ واحدٍ أو على كِلا الجانبين، ويشير المغص الكلوي إلى مشكلة صحيّة في الجهاز البولي، وتحديدًا في الكُلى أو الحالب، وينشأ عادةً عن تكوّن حصوات الكلى، وتتوقّف حِدّة المغص الكلوي على سبب حدوثه، ومدى تضرّر الكلية.
ما هي أسباب المغص الكلوي؟
يحدث المغص الكلوي عندما يُمنَع البول من التدفُّق عبر الكُلية إلى الحالب، مما يزيد الضغط داخل الكلية؛ نتيجة امتلائها بالبول، ويؤثِّر ذلك في مستقبلات الأعصاب الحِسيّة بالكُلْيَة المُتضرّرة؛ مما يولِّد شعورًا بالألم في موضِعها، وإليكم أسباب المغص الكلوي بالتفصيل:
أولًا: حصوات الكلى
غالبًا حالات المغص الكلوي ترجِع إلى تشكُّل حصوات الكُلى، وهي كُتَلٌ بلورِيّةٌ صلبة، قد تُسبب انسدادًا كُليًّا أو جُزئيًّا في مجرى البول، ويكثُر الانسداد في الحالب؛ ذلك الأنبوب الرفيع، الذي تنتقِل عبره قطرات البول من الكُلية إلى المثانة البولية، وفيما يلي أبرز أسباب تكوّن الحصوات:
- الجفاف
ترجِع أغلب حصوات الكلى إلى قلّة شرب الماء، فعندما لا تشرَب ما يكفيك من الماء يوميًّا؛ يُصبِح البول أكثر تركيزًا، مما يُحفِّز تكوّن حصوات الكلى إنْ استمرّ نقص شرب الماء لِمُدّةٍ طويلة. - فرط كالسيوم البول
تُمثِّل حُصى الكالسيوم 80% من حصوات الكلى، ولذا فهي أبرز أسباب المغص الكلوي، وتنشأ حصوات الكالسيوم نتيجة زيادة تركيز الكالسيوم في البول، وهناك أسبابٌ كثيرةٌ قد تكون وراء ذلك، مثل:
- فرط فيتامين د.
- زيادة مستوى الكالسيوم في الدم.
- فرط نشاط الغدد جارات الدرقية.
- زيادة مُعدّل امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.
- نقص مُعدّل إعادة امتصاص الكالسيوم من الكلى.
- فرط أوكسالات البول
تتواجد الأوكسالات بوفرة في الخضروات الورقيّة، وليستْ لها قيمة غذائيّة أو فائدة معلومة لجِسم الإنسان، وإنّما يتخلّص الجسم منها مع البول، وقد يؤدّي التناول المُفرِط للخضروات الورقيّة، نحو: السبانخ، والكرنب، إلى تكوّن حصوات الكلى. - فرط حمض اليوريك
يُمثِّل حوالي 5-10% من جُملة حصوات الكلى، وقد تكون زيادة حمض اليوريك (Uric acid) ناتجةً عن تناول قدْرٍ كبيرٍ من البروتينات الحيوانيّة؛ مما يجعل الكُلى عرضةً لحصوات حمض اليوريك، الذي يُعتقَد أنّه يُحفِّز أيضًا حصوات الكالسيوم والأوكسالات.
ثانيًا: عدوى الجهاز البولي (UTI)
تُسبِب بعض أنواع البكتيريا عدوى في الجهاز البولي، وقد ينتُج عنها التهابٌ وألمٌ أثناء التبول، وإذا لم تحظَ العدوى البكتيريّة بالعلاج الملائم لها؛ فربّما تتفاقم وتنتشر في الجزء العلوي من الجهاز البولي، أي في الحالب والكلية، وذلك أحد أسباب المغص الكلوي المحتملة، وبدرجةٍ أكبر لدى النساء.
ثالثًا: داء الكُلَى مُتعدِّدة الكيسات
يتعرّض نحو 30% من مرضى داء الكلى متعدد الكيسات إلى ألمٍ مُزمِنٍ في الخاصرة، يُعتقَد أنّه ناتِجٌ عن تمدد جدار الكيس أو الضغط الواقع على الأعضاء الداخلية، بسبب كِبَر حجم الكلية.
لكنّ داء الكلى متعدد الكيسات يُمكن تصنيفه ضمن أسباب المغص الكلوي الحاد أيضًا؛ في حالات انفجار الكيس أو حدوث نزيف داخل الكيس، إضافةً إلى أنّه يزيد احتمالات الإصابة بالعدوى، وتكوّن حصوات الكلى.
رابعًا: خثار الوريد الكلوي (RVT)
يُعدّ خثار الوريد الكلوي اضطرابًا غير شائع الحدوث، يتّسِم بانسداد الوريد الكلوي، بفِعل جلطة دموية، قد يُسببها أيٌّ مما يلي:
- المُتلازِمة الكُلائيّة (الأكثر شيوعًا).
- تمدد الشريان الأورطي البطني.
- اضطرابات فرط تجلّط الدم.
- تناول أدوية الاستروجين.
- الأورام.
خامسًا: الأورام
تكمُن العلاقة بين أورام الجهاز البولي المختلفة والمغص الكلوي، في أنّ نمو الورم بقدْرٍ كبيرٍ قد يُسبب انسدادًا يعوق تدفّق البول، الذي يتراكِم في الكلية، فيما يُعرَف بـ “مَوَه الكلية” أو (Hydronephrosis).
ما هي مدة المغص الكلوي؟
تتفاوتُ مُدّة المغص الكلوي بين مريضٍ لآخر، وفق ما يُعانيه من أسباب المغص الكلوي؛ إذ قد يقتصر شعورك بالألم على بضع دقائق، أو ساعات، في حالات حصوات الكُلى صغيرة الحجم، أمّا الحصوات ذات الحجم الأكبر؛ فقد يستمر الألم المُقترِن بها عِدّة أيّامٍ أو أسابيع، ويُلاحَظ تفاقمه ما لم ينَل العناية الطبية اللازمة.
أمّا إذا كانتْ العدوى سبب المغص الكلوي، فإنّ استمرار الألم مُتوقَّعٌ إلى أن تنحَسِر العدوى، أو يتناول المريض المضاد الحيوي المناسب للقضاء عليها، وينبغي مع جميع أسباب المغص الكلوي أن تُبادِر باستشارة الطبيب بمجرّد ملاحظة أعراضه المتمثِّلة ابتداءً في ألم الخاصِرة، أو الجزء السفلي من الظهر، إذ يُساعدِك ذلك على تقليل مُدّة المغص الكلوي، والتعافي منه سريعًا.
موضع أو مكان المغص الكلوي في الجسم
مهما تنوّعت أسباب المغص الكلوي، يظل موضع نشأة الألم واحِدًا؛ إذ يظهر الألم الحادّ المُفاجئ في الخاصِرة، على أيٍّ من الجانبين، ويتمركز الألم تحديدًا فوق الزاوية الضلعية الفقرية، أسفل الضلع الأخير مباشرةً.
في بعض الحالات المتفاقِمة؛ قد يمتّد الألم إلى الناحية الأمامية، مُتحرِّكًا جِهة الأسفل، بالِغًا منطقة الأربية أو حتى الخصية لدى الرجال، وهو وضعٌ أجدَر بمراجعة الطبيب في أقرب وقتٍ مُمكِن.
العوامل التي قد تسبب زيادة المغص الكلوي
تُساهم عِدّة عوامل في زيادة ألم الخاصِرة أو المغص الكلوي، بعضها مختصٌّ بقِسمٍ من أسباب المغص الكلوي، في حين أنّ عوامل أُخرى تؤثِّر في حِدّة الألم بغض النظر عن سببه، ومن أهم العوامل المؤثِّرة:
- القلق والتوتر.
- النشاط البدني.
- قلّة شرب الماء.
- تأخير الاستشارة الطبيّة.
- بعض الحركات الجسديّة، مثل: الانحناء.
- عدم الالتزام بالمسكنات التي حدّدها الطبيب.
- عدم الالتزام بالنظام الغذائي المُوصَى به طبيًّا.
- في حالات الأورام؛ يُساهم نمو الورم في زيادة الألم.
كيف يمكن تجنب ألم المغص الكلوي؟
في ضوء ما ذُكِر من أسباب المغص الكلوي؛ فإن من أهم النصائح التي تساعد على الوقاية من المغص الكلوي، وخصوصًا ذلك المرتبِط بحصوات الكلى تتمثل فيما يأتي:
- شرب الماء بقدرٍ كافٍ يوميًّا، وتجنّب التعرّض للجفاف.
- تجنّب تناول مكملات الكالسيوم إلا تحت إشراف الطبيب.
- عدم الإفراط في الأطعمة الغنيّة بالأوكسالات مثل: السبانخ.
- الاقتصاد في تناول اللحوم؛ للوقاية من زيادة حمض اليوريك.
- كُن حريصًا على علاج الأمراض المُزمِنة إن كنتَ تُعاني أيًّا منها.
- لا تتأخّر في علاج عدوى الجهاز البولي، بمجرّد ملاحظة أعراضها.
- استشِر طبيبًا مُختصًا بخصوص كيفيّة الحفاظ على صحّة الكلى ووظائفها.
الخلاصة
المغص الكلوي أحد أبرز علامات حصوات الكلى والحالب، وينبغي لمِن شعَر بذلك الألم لِمرّاتٍ مُتواليةٍ أن يستشير الطبيب لمعرفة سبب ذلك الألم، فبعد إجراء الفحوصات التشخيصيّة، يُمكن التحقّق من سبب المغص الكلوي، والشروع في علاجِه قبل أن يتفاقم.
المصادر